أكد محافظ السويداء، مصطفى البكور، أن انفصال المحافظة عن الأراضي السورية "مستحيل"، مشيراً إلى أن الدولة السورية تعمل على استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة التي تشهد منذ أسابيع توترات بين فصائل محلية ومجموعات عشائرية.
وفي تصريحات تلفزيونية، أوضح البكور أن فصائل مسلحة داخل المحافظة "تعرقل جهود تبادل المحتجزين" بين أبناء السويداء والعشائر المجاورة، مشيراً إلى أن بعض هذه الفصائل "هددت كل من يتواصل مع الحكومة السورية بالقتل".
وأوضح المحافظ أن العشائر أفرجت عن 55 شخصاً من أصل 110 كانت تحتجزهم، فيما لا تزال الفصائل المحلية تحتجز نحو 300 من أبناء العشائر، ما يعيق استكمال عملية التبادل المتفق عليها.
وأضاف البكور أن الأحداث الأخيرة في السويداء أسفرت عن مقتل نحو 400 عنصر من قوى الأمن والجيش، بينما لا يزال مصير 50 عنصراً مجهولاً حتى الآن، مؤكداً أن الحكومة السورية "حريصة على إعادة الأمن إلى المنطقة وبذل كل الجهود الممكنة لحماية المدنيين".
وشدد على أن الحديث عن انفصال السويداء عن الدولة السورية "من المستحيلات"، لافتاً إلى أن "وحدة الأراضي السورية مبدأ ثابت لا يمكن المساس به". وأكد أن الحكومة تركز في هذه المرحلة على إعادة مؤسسات الدولة تدريجياً إلى المحافظة "عبر الحوار والتفاهم مع جميع القوى المحلية".
وأشار المحافظ إلى أن السلطات السورية تبدي استعدادها الكامل للتعاون مع لجنة التحقيق الدولية، موضحاً أن دمشق "لا تمانع دخول اللجنة إلى السويداء" في إطار تعزيز الشفافية وبناء الثقة مع المجتمع المحلي. وأضاف أن "عدم التعاون مع لجان التحقيق يعرقل عملها"، مؤكداً أن الحكومة السورية "أثبتت جدّيتها في محاسبة أي شخص تثبت إدانته بانتهاكات أو تجاوزات".
وفي سياق متصل، اتهم البكور ما وصفها بـ"لجنة غير قانونية" بالاستيلاء على مبالغ مالية كبيرة كانت مودعة في بنك السويداء، مشيراً إلى أن تلك اللجنة قامت بـ"عمليات مالية غير شرعية" أسهمت في تفاقم الأزمة الاقتصادية بالمحافظة. وأكد أن الأجهزة المعنية تتابع الملف، وأن الإجراءات القانونية ستُتخذ لاستعادة الأموال العامة.
وحول وجود القوات الحكومية في المحافظة، قال البكور إن هناك "تطلعات لعودة الدولة السورية إلى السويداء قريباً"، دون تحديد موعد لذلك، موضحاً أن الأولوية حالياً "تثبيت الهدوء وضمان سلامة الأهالي".
في المقابل، تحدثت مصادر أمنية سورية عن خروقات متكررة لاتفاق وقف إطلاق النار في مناطق غربية من المحافظة. وقال مصدر أمني إن فصائل مسلحة "استهدفت مواقع ونقاطاً للقوى الأمنية على محور ولغا"، مضيفاً أن قوات الأمن الداخلي "ردت على مصادر النيران واستهدفت مواقع الفصائل".
وأفاد المصدر بأن الاشتباكات تسببت في توتر جديد بالمنطقة، وسط مخاوف من تصعيد ميداني يهدد اتفاق الهدنة الذي دخل حيز التنفيذ منتصف تموز الماضي.
وفي وقت سابق، كانت الرئاسة السورية قد دعت جميع الأطراف إلى الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار، ووقف الأعمال القتالية بشكل فوري في السويداء ومحيطها، مؤكدة على ضرورة حماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية بلا عوائق.
ونص الاتفاق على انتشار وحدات من قوى الأمن الداخلي في الطرق الرئيسة والنقاط الحيوية بالمحافظة، دون دخولها إلى المدن، إلى جانب فتح معابر إنسانية بين محافظتي درعا والسويداء لتسهيل حركة المدنيين وتقديم المساعدات.
إلا أن تقارير ميدانية أشارت إلى وقوع عدة خروقات من قبل الفصائل المسلحة، التي شنت هجمات متفرقة على محاور مختلفة، واستخدمت في بعضها قذائف الهاون والصواريخ.
ورغم استمرار التوتر، يرى مراقبون أن الموقف الرسمي السوري يعكس رغبة في احتواء الأزمة بالحوار، خصوصاً بعد إشارات من الحكومة حول إمكانية فتح قنوات تواصل مباشرة مع وجهاء السويداء والفصائل المحلية لبحث سبل إنهاء التوتر.
ويصف محللون الوضع في المحافظة بأنه "دقيق ومعقد"، نظراً لتداخل العوامل الأمنية والاجتماعية والعشائرية، إضافة إلى البعد الاقتصادي الذي فاقم التوترات خلال الأشهر الماضية. ويرى آخرون أن أي حل مستدام يتطلب "معالجة الأسباب المحلية" إلى جانب دعم جهود المصالحة الوطنية الشاملة.