منذ سنوات، يعيش اللبنانيون في ظلّ تدهور اقتصادي متواصل أضعف قدراتهم الشرائية وأرهق مداخيلهم. ومع كل موازنة جديدة، تتجدّد المخاوف من زيادات ضريبية وانعكاسها على الأسعار في بلد يعتمد بشكل شبه كامل على الاستيراد.
الواقع أن الأزمات المالية المتراكمة، وانهيار سعر الصرف، وغياب خطة إصلاح شاملة، جعلت أي تعديل في السياسة المالية مرادفاً للقلق الشعبي. واليوم، مع اقتراب إقرار موازنة عام 2026، يترقب المواطنون انعكاس بنودها على معيشتهم اليومية.
عبء جديد على المستهلك:
تتضمن الموازنة المقترحة بنوداً ضريبية إضافية، من بينها فرض نسبة على الاستيراد كدفعة مسبقة على ضريبة الدخل. ورغم أن الهدف المعلن هو تحسين الإيرادات وضبط العجز، يخشى كثيرون أن تُترجم هذه البنود تلقائياً بزيادة في الأسعار داخل الأسواق، في ظل ضعف الرقابة وغياب المنافسة الحقيقية بين التجار.
ويشير متابعون للشأن الاقتصادي إلى أن أي زيادة في النفقات العامة أو استمرار العجز المالي قد يؤديان إلى تضخم إضافي، خصوصاً في السلع الأساسية التي تتأثر مباشرة بارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية عالمياً.
غياب المنافسة وضعف الرقابة:
يعاني السوق اللبناني من هيمنة عدد محدود من الشركات على قطاعات الاستيراد والتوزيع، ما يجعل الأسعار ثابتة في الاتجاه التصاعدي حتى عند انخفاض كلفة الإنتاج. وفي المقابل، تفتقر أجهزة الرقابة إلى الموارد البشرية والمادية الكافية لتطبيق القوانين وحماية المستهلكين.
ويرى اقتصاديون أن غياب المراقبة الفاعلة يفتح الباب أمام التلاعب بالأسعار تحت ذرائع متعددة، أبرزها الضرائب الجديدة أو ارتفاع سعر الصرف.
توقعات المرحلة المقبلة:
من المرجح أن تشهد الأسواق اللبنانية ارتفاعاً تدريجياً في الأسعار خلال الأشهر المقبلة، مدفوعاً بالضرائب الإضافية والاحتكار وتقلّب أسعار العملات. إلا أن حجم الزيادة سيتوقف على قدرة الحكومة على ضبط الأسواق، وتفعيل آليات الرقابة، وتوفير بدائل دعم للفئات المتضررة.
وحتى مع محاولات التهدئة الرسمية، يبقى المواطن اللبناني في مواجهة مع واقع معيشي ضاغط، تتجاذبه الموازنات والعجز، فيما الأمل بتعافي اقتصادي قريب لا يزال محدوداً.