شهد شاطئ وادي قنديل في محافظة اللاذقية، فجر الجمعة، حادثة لاقت تفاعلاً واسعاً في الأوساط المحلية، بعد قيام مجموعة مسلحة بمداهمة منشأة سياحية واعتقال عدد من المدنيين، قبل أن يُفرج عنهم لاحقاً دون توجيه أي تهم رسمية.
وبحسب روايات شهود عيان، وصلت المجموعة المسلحة إلى المنطقة السياحية عند منتصف الليل تقريباً، حيث باشرت بتفتيش الشاليهات والمنشآت المحيطة بشاطئ وادي قنديل، بما في ذلك منشأة “تشايكا” السياحية. وأفاد الشهود أن العناصر تعاملوا “بعنف وتوتر واضح” مع الموجودين، وقاموا بتوقيف عشرات الأشخاص من النساء والرجال.
إجراءات مفاجئة وتوتر ميداني
استمرت عملية التفتيش والاعتقال قرابة الساعة، قبل أن يُنقل نحو خمسين شخصاً إلى مركز الأمن الجنائي في مدينة اللاذقية. وأشار عدد من الموقوفين بعد الإفراج عنهم إلى أن التحقيقات استمرت قرابة ست ساعات، تخللتها استجوابات متواصلة من دون تبيان أسباب الاحتجاز، أو توجيه اتهامات محددة.
كما أفاد بعض المفرج عنهم بأنهم اكتشفوا فقدان مبالغ مالية وهواتف محمولة أثناء المداهمة، بينما أُغلقت منشأة “تشايكا” بالشمع الأحمر عقب العملية، دون صدور توضيح رسمي فوري حول أسباب الإغلاق أو الجهة التي أمرت به.
شهادات من شهود العيان
قالت إحدى السيدات، كانت في المكان برفقة عائلتها، إن المداهمة تمت بشكل مفاجئ ووسط حالة من الهلع بين رواد الشاطئ. وأوضحت أنها وابنتها تعرّضتا للضرب خلال العملية، فيما أُوقفت الأسرة كاملة ونُقلت إلى مركز الشرطة. وأكدت أن العناصر المهاجمين “لم يقدّموا أي مبرر واضح لتصرفهم، واكتفوا بالتفتيش والتدقيق في الهويات الشخصية”.
فيما أشار أحد الشبان الذين تم احتجازهم إلى أن “الطريقة التي تم التعامل بها كانت مهينة”، لافتاً إلى أن بعض النساء تعرضن للشتائم خلال التفتيش. وقال: “بقينا مقيّدين حتى الصباح، ثم أطلقوا سراحنا من دون أي تهمة أو توضيح”.
وروت سيدة أخرى كانت تقضي إجازة مع عائلتها أن “الصدمة الكبرى لم تكن فقط في طريقة المداهمة، بل في غياب أي جهة تتبنى ما حدث أو توضح أسبابه”. وأضافت أن بعض الأهالي بدأوا بتقديم شكاوى لاستعادة ممتلكاتهم التي فُقدت أثناء العملية.
بدء تحقيق رسمي
بعد يومين على الحادثة، أصدرت قيادة الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية بياناً أعلنت فيه فتح تحقيق رسمي في الواقعة، مشيرةً إلى أن المداهمة نُفذت أثناء مرافقة دورية من الشرطة لفرق بلدية وادي قنديل، التي كانت تقوم بجولة ميدانية للتحقق من تراخيص منشآت سياحية.
وأكد البيان أن “مناوشات محدودة” وقعت بين بعض العناصر والعاملين في المنشأة، ما أدى إلى “تجاوزات فردية” تم التعامل معها فوراً، مشدداً على الإفراج الفوري عن جميع الموقوفين، وإحالة العناصر المتورطين في التجاوزات إلى التحقيق.
وقال معاون قائد الأمن الداخلي في اللاذقية، مصطفى صبوح، إن وزارة الداخلية “لن تتهاون مع أي انتهاك لحقوق المواطنين”، مؤكداً أن جميع الإجراءات ستتم “تحت إشراف القضاء لضمان الشفافية والمساءلة”.
مساءلة ومطالب بالوضوح
ورحّب ناشطون محليون بقرار فتح التحقيق، معتبرين أنه “خطوة ضرورية لاستعادة الثقة بين الأجهزة الأمنية والمواطنين”، وطالبوا بنشر نتائج التحقيق للرأي العام.
في المقابل، رأى آخرون أن ما حدث يعكس “ثغرات في التنسيق بين المؤسسات الرسمية” و”غياب المعايير الواضحة” في تنفيذ المهام الأمنية، خصوصاً في المناطق السياحية التي تشهد نشاطاً متزايداً خلال الموسم الصيفي.
ويعد شاطئ وادي قنديل، الواقع شمال مدينة اللاذقية، أحد أبرز الوجهات السياحية في الساحل السوري، ويقصده الزوار من مختلف المحافظات، ما جعل الحادثة تتصدر النقاشات المحلية وسط مطالبات بإنهاء التحقيق سريعاً ومحاسبة المسؤولين عن أي تجاوزات.