كيف اعترض أكراد سوريا على مرسوم الأعياد؟

2025.10.08 - 10:58
Facebook Share
طباعة

 أشعل ناشطون أكراد في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، مساء الثلاثاء، شعلة عيد نوروز قبل موعدها الرسمي، في خطوة رمزية للاعتراض على المرسوم الرئاسي الأخير الذي حدد قائمة الأعياد والعطل الرسمية في البلاد، من دون أن يتضمن عيد نوروز ضمنها.

وعادةً ما تُقام احتفالات عيد نوروز في الحادي والعشرين من آذار من كل عام، باعتباره مناسبة ثقافية ورمزية لدى الأكراد وعدد من الشعوب في المنطقة. ويُعدّ إيقاد الشعلة في الليلة السابقة تقليداً قديماً يرمز إلى بداية الربيع وانتصار النور على الظلام.


رمزية الاحتفال ورسائل المشاركين
تجمّع العشرات من الأهالي والناشطين في أحد أحياء القامشلي، حيث أوقدوا شعلة رمزية وغنّوا أناشيد تراثية خاصة بالمناسبة. وقالت إحدى المشاركات، ليلاف شيخو، إنّ “الفعالية ليست مجرد احتفال، بل رسالة تعبّر عن تمسكنا بحقنا في الاحتفال بعيدنا القومي ورفض إقصائه من المراسيم الرسمية”.

وأضافت أنّ على الحكومة الانتقالية “الاعتراف بعيد نوروز كعيد وطني يحتفل به كل السوريين، مثلما هو معترف به في دول الجوار كالعراق وتركيا وإيران”.

واعتبرت شيخو أنّ “تجاهل الأعياد القومية والثقافية للمكونات السورية يضعف الثقة بين الدولة والمجتمع، ويكرّس الانقسام بدلاً من تعزيز المصالحة الوطنية”. كما دعت الرئيس السوري إلى “إعادة النظر في المرسوم وتعديله بما يضمن الاعتراف بالتنوع الثقافي واللغوي للمجتمع السوري، واحترام رموز كل مكوّن من مكوناته”.


خلفية تاريخية وسياسية
ويحمل عيد نوروز دلالات خاصة لدى الأكراد، إذ تحوّل في العقود الماضية إلى مناسبة رمزية للتعبير عن الهوية الثقافية والحقوق القومية. وتشير فعاليات كردية إلى أنّ السلطات السورية السابقة كانت قد تعاملت بحذر مع هذه المناسبة، إذ حوّلت يوم 21 آذار إلى عطلة رسمية بمسمّى “عيد الأم”، من دون الاعتراف به كعيد قومي كردي.

ويرى ناشطون أنّ هذا التوجّه ما يزال مستمراً رغم التغييرات السياسية التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الأخيرة، معتبرين أن تجاهل المرسوم الرئاسي لأعياد المكونات “يتناقض مع الخطاب الرسمي الذي يتحدث عن دولة تعددية جامعة”.


مواقف كردية وآشورية مشتركة
في السياق ذاته، عبّر المجلس الوطني الكردي في سوريا عن “خيبة أمل كبيرة” تجاه المرسوم، معتبراً أنّ استثناء عيد نوروز “لا ينسجم مع تطلعات السوريين نحو دولة تعترف بجميع مكوناتها”. ودعا المجلس إلى “تضمين المرسوم الأعياد القومية والثقافية للأقليات السورية، بما يعزز الانتماء الوطني المشترك”.

من جهتها، أبدت المنظمة الآثورية الديمقراطية اعتراضها على عدم إدراج عيد آكيتو (رأس السنة البابلية الآشورية) ضمن الأعياد الرسمية، مؤكدة أنّ “الاعتراف بالأعياد القومية والدينية لكل المكونات يعكس الغنى الحضاري والتنوع الثقافي الذي ميّز سوريا عبر التاريخ”.

وأكد بيان المنظمة أنّ “تجاهل مثل هذه المناسبات يمثّل إغفالاً لعمق تاريخي لا يمكن تجاوزه”، ودعت إلى “تعديل المرسوم بما ينسجم مع روح الدستور الذي أقرّ بالتعددية الثقافية واللغوية في البلاد”.


دعوات لتعديل المرسوم
ويُعدّ المرسوم الصادر عن الرئيس السوري أحمد الشرع، الأحد الماضي، أول وثيقة رسمية من نوعها تحدد بدقة العطلات الرسمية في المرحلة الانتقالية، إلا أنّه أثار جدلاً واسعاً بسبب غياب الإشارة إلى أعياد مكونات رئيسية كالأكراد والآشوريين.

ويرى مراقبون أنّ هذا الجدل يعكس حساسية المشهد السوري في مرحلة ما بعد الحرب، حيث تسعى الحكومة الانتقالية إلى بناء توافق وطني جديد، فيما تخشى المكونات الثقافية والقومية من تهميش رموزها التاريخية والدينية.

وبينما تتواصل الدعوات لتعديل المرسوم وإضافة عيدَي نوروز وآكيتو إلى قائمة الأعياد الرسمية، يواصل الناشطون في القامشلي ومدن أخرى تنظيم فعاليات رمزية للتأكيد على حضور هذه المناسبات في الوجدان الشعبي، سواء جرى الاعتراف بها رسمياً أم لا.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 8