تصاعدت وتيرة المفاوضات بين إسرائيل وحركة "حماس" في مدينة شرم الشيخ المصرية، وسط حضور مكثف لمسؤولين دوليين، على رأسهم كبيرا مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، في إطار خطة أمريكية لإتمام صفقة الإفراج عن الرهائن وإنهاء الحرب في قطاع غزة.
وكشفت تقارير إعلامية أن حركة "حماس" رفعت مطالبها بشكل واضح ومباشر، حيث تطالب بتسليم جثتي يحيى السنوار وشقيقه محمد السنوار، اللذين تصفهما إسرائيل بـ"مهندسي هجوم السابع من أكتوبر". تأتي هذه المطالب في سياق صفقة أكبر تشمل الإفراج عن أسرى فلسطينيين محكومين بالمؤبد، في خطوة اعتبرها المراقبون محاولة لحماية الرموز القيادية الفلسطينية وضمان أي اتفاق مستقبلي على حقوق الأسرى والمفقودين.
ووفق صحيفة وول ستريت جورنال، رفضت إسرائيل سابقًا تسليم جثة يحيى السنوار بعد نقلها إلى موقع سري، ما جعل هذا الملف أحد أبرز نقاط الخلاف في المفاوضات الحالية. ويتوقع أن تكون الساعات الأربع والعشرين المقبلة حاسمة في تحديد إمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي، بحسب مصادر متابعة لوكالة رويترز.
ويشارك في هذه المباحثات كل من الوزير الإسرائيلي للشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، الذي يقود فريق التفاوض الإسرائيلي، ورئيس وزراء قطر محمد آل ثاني، ورئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن، في وقت يبدو فيه أن تركيا ستلعب دورًا رئيسيًا في إعادة إعمار قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية بالتنسيق مع إسرائيل، بما يخدم خطة ترامب للتوصل إلى تسوية شاملة.
وفي سياق ملف الأسرى، ذكرت مصادر مصرية أن حماس تطالب بالإفراج عن عدد من السجناء الفلسطينيين المحكومين بالمؤبد، ومن بينهم القيادي مروان البرغوثي، المحكوم عليه بخمسة مؤبدات و40 سنة إضافية، والذي يعتبر رمزًا سياسيًا وفصائليًا مهمًا في فلسطين. وكان قد غادرت زوجته فدوى البرغوثي رام الله متجهة إلى القاهرة على عجل، ما أثار اهتمام المراقبين ويعتبر إشارة إلى التحركات المكثفة خلف الكواليس لتنسيق مواقف الفصائل الفلسطينية بشأن الصفقة.
وفي السياق ذاته، أعرب مصدر سياسي إسرائيلي عن تفاؤل حذر، مشيرًا إلى أن "المفاوضات تتقدم، لكن يجب أن نكون حذرين لأن حماس قد تعرقل التفاهمات في أي لحظة". وأضاف أن "الاتجاه العام إيجابي، وعلى الرغم من انتهاء الجلسات الرسمية، لا تزال المباحثات الجانبية مستمرة، لكن هناك فجوات لم تُحل بعد، وحماس قد تغير موقفها في أي وقت".
ويشير المراقبون إلى أن هذه المفاوضات تمثل نقطة حساسة جدًا في مسار الحرب الفلسطينية الإسرائيلية، حيث تجمع بين ملفات إنسانية وسياسية معقدة، بما في ذلك الإفراج عن الأسرى، تسليم الجثامين، إعادة الإعمار، وضمانات وقف إطلاق النار. ويعتبر أي اتفاق محتمل هشًا إذا لم يُصاغ بمراعاة توازنات القوى الداخلية والخارجية، وقد يستخدم كأداة ضغط من قبل الأطراف الإقليمية والدولية على المقاومة الفلسطينية، خاصة في قطاع غزة.
في هذا الإطار، يبدو أن ملف جثتي يحيى ومحمد السنوار أصبح أكثر من مجرد قضية إنسانية؛ إذ يمثل رمزًا سياسيًا ونقطة ضغط استراتيجية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، ويعكس تعقيدات المشهد السياسي والأمني في المنطقة، حيث تتشابك المصالح الأمريكية، الإسرائيلية، التركية، والمصرية في محاولة لإدارة الأزمة وإعادة ترتيب الأوضاع في غزة والضفة الغربية، على حساب الحقوق الفلسطينية والمطالب الشعبية.