غادرت فدوى البرغوثي، زوجة القيادي الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي، مدينة رام الله على عجل ليلة أمس، متجهة إلى القاهرة، بحسب مصدر فلسطيني مطلع لموقع Ynet الإسرائيلي. خطوة أثارت اهتمام المراقبين الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، خصوصًا في ظل التحركات المكثفة التي تشهدها مفاوضات التهدئة والوساطة المتعلقة بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في قطاع غزة والإفراج عن الأسرى.
وفق المصادر، تأتي مغادرة فدوى البرغوثي في توقيت حساس، إذ تتواصل المباحثات في مدينة شرم الشيخ المصرية بين ممثلي الفصائل الفلسطينية، السلطات المصرية، وبعض الوسطاء الدوليين، وسط حضور خافت للمساعي الأمريكية المباشرة. وتستند هذه المفاوضات إلى خطة شاملة تتضمن عدة نقاط رئيسية: وقف إطلاق النار في غزة، الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل مقابل إطلاق سراح معتقلين إسرائيليين، انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي من القطاع، ونزع سلاح حركة "حماس" تدريجيًا.
وبحسب قناة القاهرة الإخبارية، بدأت القاهرة بالفعل بمناقشة قوائم الأسرى المزمع الإفراج عنهم، والتي تشمل أسماء بارزة جدًا مثل مروان البرغوثي، أحمد سعدات، حسن سلامة، عباس السيد وآخرين. وتعتبر هذه القوائم حجر الزاوية في أي اتفاق محتمل، إذ تمثل هذه الشخصيات رموزًا سياسية وفصائلية حاسمة في إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مما يجعل أي خطوة تجاه الإفراج عنهم محط جدل واسع بين الأطراف المختلفة.
ويُذكر أن مروان البرغوثي اعتقلته إسرائيل عام 2002 وأدين في 2004 بتهمة ارتكاب جرائم أثناء الانتفاضة الثانية بين 2000 و2005، وصدر بحقه خمسة أحكام بالسجن المؤبد، إلا أن شعبيته بين الفلسطينيين لم تتراجع، بل بقيت قوية، خاصة بين قطاعات واسعة ترى فيه رمز المقاومة والقيادة الوطنية.
ويصف مراقبون التحركات الحالية بأنها "رهانات مزدوجة"؛ فمن جهة تسعى القوى الدولية إلى تسريع عملية تهدئة غزة، ومن جهة أخرى تستخدم المفاوضات كأداة للضغط على الفصائل الفلسطينية وفرض شروط سياسية وأمنية تقيّد قدرتها على الصمود والمقاومة. ويأتي في هذا الإطار دور القاهرة كوسيط محوري، في محاولة لإدارة التوازن بين الضغط الإسرائيلي والمطالب الفلسطينية، بما في ذلك ملف الأسرى والمطالبة بالإفراج عن الشخصيات القيادية.
ومغادرة فدوى البرغوثي إلى القاهرة لم تكن مجرد خطوة عابرة؛ إذ تحمل دلالات رمزية وسياسية كبيرة، إذ تشير إلى احتمال بدء مفاوضات مكثفة خلف الكواليس حول الإفراج عن زوجها وغيره من الأسرى، وربما تنسيق المواقف مع الفصائل الفلسطينية المختلفة لضمان الضغط على إسرائيل.
في الوقت نفسه، يواصل الفلسطينيون متابعة هذه التحركات بحذر، خشية أن تتحول هذه المبادرات الدولية والإقليمية إلى آلية لإضعاف المقاومة وإعادة رسم التوازنات السياسية في المنطقة على حساب الحقوق الوطنية للفلسطينيين. ويعتبر كثير من المراقبين أن أي اتفاق محتمل سيبقى هشًا إذا لم يكن مدعومًا بإرادة شعبية قوية، وبإجماع الفصائل الفلسطينية حول شروط الإفراج عن الأسرى.
وسط هذه الأجواء المشحونة، يبدو أن ملف الأسرى الفلسطينيين، وعلى رأسهم مروان البرغوثي، سيبقى في قلب الصراع السياسي، محفوفًا بالتوترات والمخاطر، فيما تترقب الجماهير الفلسطينية أي خطوات عملية على الأرض توضح مصير هؤلاء الأسرى، وتأثيرها على موازين القوة في الداخل والخارج الفلسطيني.