في الذكرى الثانية لعملية «طوفان الأقصى»، جدّد «حزب الله» موقفه الداعم للمقاومة الفلسطينية، واصفاً تلك العملية بأنها «معركة الفداء والتحرير والإرادة والصمود»، في مواجهة «الاحتلال الصهيوني المدعوم أميركياً».
البيان الذي صدر عن الحزب من الضاحية الجنوبية، لم يكتفِ بالاحتفاء بذكرى المقاومة، بل جاء أشبه برسالة استراتيجية تذكّر أن «المعركة لم تنتهِ بعد». وأكد الحزب أن «الوقوف مع فلسطين ليس موقفاً عاطفياً بل التزام أخلاقي وسياسي وديني حتى زوال الاحتلال»، مضيفاً أن «الكيان الصهيوني ما زال يمارس الإبادة الجماعية في غزة، وسط صمت دولي مريب وتواطؤ مكشوف من القوى الكبرى».
وحدة الميدان
يقرأ محللون بيان الحزب باعتباره إعادة تثبيت لمعادلة «وحدة الساحات»، التي رسختها جبهات غزة ولبنان واليمن والعراق خلال العامين الماضيين. ففي كل مرة يُعاد فيها إحياء ذكرى «الطوفان»، يسعى الحزب إلى تأكيد أن الحرب ليست حدثاً عابراً، بل مشروع مقاومة ممتد يربط جبهات المنطقة بمصير واحد.
ويشير البيان بوضوح إلى أن «أمن المنطقة واستقرارها مرهون بوحدة الموقف العربي والإسلامي»، في دعوة مباشرة لتجاوز الخلافات الداخلية والتوحد خلف خيار المقاومة.
رسائل ما بين السطور
لغة البيان الحادة ضد الولايات المتحدة واتهامها بـ«إدارة الكيان المجرم» تعكس تصعيداً لفظياً متعمداً في لحظة إقليمية حساسة، حيث تتكثف الوساطات لوقف النار في غزة، بينما تتواصل الاشتباكات المحدودة على الحدود اللبنانية. فالحزب، وإن لم يعلن تصعيداً جديداً، أراد تذكير الجميع بأن الجنوب ليس خارج المعادلة.
كما حملت الفقرة الأخيرة من البيان إشارات رمزية واضحة، حين وصف الحزب إسرائيل بأنها «غدة سرطانية يجب استئصالها قبل أن تنشر الخراب في جسد الأمة»، مؤكداً أن «التحرير الكامل لفلسطين وعدٌ إلهي لا يتخلف».
بين الذاكرة والمستقبل
الذكرى الثانية لـ«الطوفان» ليست مجرد وقفة تذكارية بالنسبة لحزب الله، بل مناسبة لتجديد خطابه السياسي وربط قضيته بالملف الفلسطيني بشكل أوثق. ومع استمرار الحرب في غزة وتزايد الضغوط على إسرائيل في المحافل الدولية، يبدو أن الحزب يسعى لتثبيت نفسه كجزء من محور يملك «شرعية المقاومة» في مواجهة ما يعتبره محور التطبيع.
في المقابل، يرى محللون لبنانيون أن تصعيد الخطاب لا يعني بالضرورة استعداداً ميدانياً فورياً، بل يدخل ضمن إطار «الردع الرمزي»، لتثبيت موقع الحزب التفاوضي في أي تسوية إقليمية قادمة.
بيان الحزب في هذه الذكرى يختصر فلسفة المقاومة التي تتجاوز الحدود: مقاومة لا تهدأ، وذاكرة لا تمحوها التسويات، وصراع يرى فيه الحزب امتداداً لمعركة وجود لا تُقاس بموازين القوى العسكرية وحدها، بل بإرادة الشعوب وقدرتها على الصمود.