أعلنت قوى الأمن الداخلي عن توقيف أحد العسكريين للاشتباه بتورطه في انتهاكات ارتُكبت بحق مدنيين أثناء الأحداث التي شهدتها محافظة السويداء خلال شهر تموز الماضي، في خطوة تأتي ضمن عمل لجنة التحقيق الخاصة التي شكّلتها السلطات عقب تلك الاضطرابات.
التحقيقات تكشف تفاصيل أولية
وأوضحت مصادر أمنية أن الموقوف يُدعى قصي العمودي الشمري، وتم توقيفه بناءً على مذكرة صادرة عن لجنة التحقيق الخاصة بأحداث السويداء، بعد ورود أدلة وشهادات من سكان محليين تتهمه بالمشاركة في أعمال عنف وخطف واعتداءات على المدنيين.
وأكدت المصادر أن الأدلة الموثقة تتضمن مقاطع مصوّرة تُظهر المشتبه به وهو يشارك في أعمال وُصفت بأنها "تهدد الأمن العام وتعرض حياة المواطنين للخطر"، مضيفة أن التحقيقات الأولية تشير إلى ارتباطه بإحدى الجهات العسكرية العاملة في شمال شرقي البلاد.
وذكرت المصادر أن لجنة التحقيق تتابع جمع الأدلة وتحليل التسجيلات والشهادات بهدف تحديد مدى تورط الموقوف في الأحداث، مؤكدة أن جميع المتورطين سيُحالون إلى القضاء المختص وفقاً للإجراءات القانونية المعمول بها.
عمل اللجنة القضائية
وكانت وزارة العدل السورية قد أعلنت في نهاية تموز الماضي تشكيل لجنة تحقيق خاصة بأحداث السويداء، بعد موجة من الاحتجاجات والمواجهات التي شهدتها المدينة وأدت إلى توترات أمنية ووقوع ضحايا ومعتقلين.
وتهدف اللجنة إلى تقصي الحقائق وكشف ملابسات الأحداث التي أدت إلى تفاقم الوضع الميداني، إضافة إلى التحقيق في الانتهاكات التي طالت المدنيين والممتلكات العامة والخاصة، ومحاسبة المتورطين بغضّ النظر عن انتماءاتهم.
وتضم اللجنة في عضويتها عدداً من القضاة والضباط والمحامين، بينهم القضاة حاتم النعسان، حسان الحموي، ميسون الطويل، وجمال الأشقر، إلى جانب العميد محيي الدين هرموش، والمحاميين طارق الكردي وعمار عز الدين.
وحددت الوزارة مهام اللجنة بمتابعة جميع الملفات المرتبطة بالأحداث، بدءاً من جمع الشهادات والتوثيقات، وصولاً إلى إحالة الملفات المكتملة إلى القضاء المختص لإصدار الأحكام المناسبة.
تأكيد رسمي على تطبيق القانون
وأكدت وزارة الداخلية أن توقيف العسكري المشتبه به يأتي في إطار سياسة "عدم التساهل مع أي جهة أو فرد يثبت تورطه في أعمال تهدد الأمن العام أو تستهدف المدنيين"، مشددة على أن التحقيقات لا تزال مستمرة وأن الإجراءات القضائية ستتخذ وفق ما يحدده القانون.
وأضافت الوزارة أن الهدف من هذه الخطوات هو "إعادة الاستقرار إلى المحافظة، وضمان محاسبة جميع المتورطين في التجاوزات والانتهاكات التي حدثت خلال الفترة الماضية"، مؤكدة في الوقت ذاته على التزام الأجهزة الأمنية "بحماية المدنيين وضمان سير العدالة بشفافية".
خلفية الأحداث في السويداء
وشهدت محافظة السويداء خلال شهر تموز الماضي موجة من التوترات الأمنية والاحتجاجات الشعبية، تخللتها اشتباكات وعمليات قطع طرق، ما أدى إلى سقوط ضحايا واعتقالات متفرقة. وتنوعت أسباب تلك الأحداث بين مطالب معيشية واحتجاجات على الأوضاع الاقتصادية، وبين خلافات مع الأجهزة الأمنية حول آليات ضبط الأمن في المنطقة.
وتسعى اللجنة القضائية، بحسب مصادر رسمية، إلى تتبع جميع مسارات الأحداث، بما في ذلك الجهات التي ساهمت في تصعيد التوتر، والجهات التي مارست أعمالاً مخالفة للقانون، سواء من المدنيين أو العسكريين. كما تعمل على جمع تقارير طبية وشهادات من المنظمات المحلية والهيئات المدنية في المحافظة لتكوين صورة شاملة عن مجريات الأحداث.
تفاعل محلي وحذر من التصعيد
في المقابل، عبّر عدد من الناشطين والوجهاء المحليين في السويداء عن ترحيبهم بخطوة التحقيق، مع تأكيدهم على ضرورة أن تكون العملية القضائية شفافة وشاملة بحيث تشمل جميع الأطراف المتورطة، بعيداً عن الانتقائية أو التسييس.
ويأمل أبناء المحافظة أن تسهم الإجراءات القضائية في منع تكرار أعمال العنف، وإعادة الثقة بين السكان والجهات الرسمية، خصوصاً بعد شهور من التوتر والانقسام الداخلي.
ويرى مراقبون أن معالجة الملف بطريقة عادلة ومتوازنة ستشكل اختباراً حقيقياً لقدرة السلطات على ضبط الأوضاع في السويداء، وتكريس مبدأ المحاسبة على الانتهاكات أياً كان مرتكبها، بما يسهم في تعزيز الاستقرار والأمن الاجتماعي في المحافظة.